الضوء المستقطب 
         هو موجات ضوئية، ذات ترتيب بسيط، منتظم. أما موجات الضوء العادي، فهي ترتيب معقد، غير منتظم. وسواء كان مصدر الضوء العادي، هو الشمس، أو مصباحاً ضوئياً، فإنه يتكون من موجات غير منتظمة، تتذبذب في كل الاتجاهات المتعامدة على شعاع الضوء. لكن الضوء المستقطب، يتكون من موجات منتظمة، تتبذب في اتجاه واحد فقط. ويتيح تركيبه المنتظم استخدامه في نواحٍ، لا يمكن استخدام الضوء العادي فيها. وعلى سبيل المثال، يمكن اكتشاف التركيب الفيزيائي الداخلي، لكثير من المواد الشفافة، باستخدام الضوء المستقطب. أما مستقطبات الضوء، فهي أجهزة قوية، تُستخدم في العلم، وفي الصناعة، وفي الحياة اليومية.
طريقة استقطاب الضوء
         لفهْم عملية الاستقطاب، لا بدّ من النظر إلى شعاع الضوء، على أنه سلسلة من الموجات الكهرومغناطيسية؛ وتتذبذب المغناطيسية المكونة لهذه الموجات، في اتجاه متعامد على مسار الشعاع. والمثال البسيط لهذه الموجات، يمكن صنعه من طريق ربط أحد الحبال بحائط، ثم هزّ الطرف الآخر للحبل؛ فإن كل جزء من الحبل، سيتحرك في كل الاتجاهات المتعامدة على طوله. وتسمى الموجات، التي تتذبذب بهذه الطريقة، الموجات المُسْتَعرَضة.
         يتذبذب الضوء المستقطب في اتجاه عمودي على مساره، ومن الممكن استقطاب الضوء العادي، بتمريره من خلال مرشح خاص باستقطاب الضوء. ويسمح هذا المرشح بالمرور للموجات، التي تتذبذب في اتجاه عمودي واحد فقط؛ لأن تركيب المرشح المستقطب، يحول دون مرور موجات الضوء الأخرى، التي تتذبذب في اتجاهات عمودية أخرى. وبعبارات علمية، فإن المرشح المستقطب للضوء، يسمح بالمرور من خلاله لـ (مكونات)، أو (أجزاء) الموجات الضوئية، التي تتذبذب في (اتجاه ذبذبة) واحد فقط. أما مكونات الموجات، التي تتذبذب في كل الاتجاهات الأخرى، فإنه يحجبها. ويسمى الضوء، الذي يمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، الضوء المستقطب.
         وجميع الذبذبات، التي تمر من خلال المرشح المستقطب للضوء، تتذبذب في اتجاه واحد، مُواز للحبَيْبة البصرية في المرشح، والتي تُعَدّ محور البث فيه. ويمكن الضوء المستقطب، أن يمر كله، من خلال مرشح استقطاب ثانٍ، مروراً، يكون فيه محوره البصري موازياً للمحور البصري في المرشح الأول. ولكن إذا تحرك مرشح الاستقطاب الثاني حركة دائرية، كالعجلة، فإنه سيؤدي، تدريجاً، إلى تعتيم الضوء المارّ من خلاله. وسيؤدي المستقطب الثاني إلى قطع الضوء كلية، عندما يتقاطع محوره، بزاوية 90ْ، مع محور المستقطب الأول. ويحدث الإعتام ثم القطع؛ لأن كل مستقطب من المستقطبات سيعمل على امتصاص جميع مكونات الضوء، التي لا تتذبذب متوازية مع محوره. ونتيجة لهذا، فإن البريق الصادر عن شعاع الضوء، يخبو، تدريجاً، عندما يتقاطع محور المستقطب الثاني تقاطعاً عرضياً، مع محور البث في المستقطب الأول. وعلى هذه الظاهرة؛ بُنِيَ كثير من استخدامات الضوء المستقطب. فالقدر الأكبر من الضوء المحيط بنا هو ضوء مستقطب بالفعل. أما الانعكاسات، الشبيهة بانعكاسات المرايا، الصادرة عن السطوح الأفقية اللامعة، كسطوح الأرصفة، وسطح الماء، فهي تتكون، إلى حدّ كبير، من ضوء جرى استقطابه، أفقياً، خلال عملية  الانعكاس. والنظارات الشمسية المستقطبة نتيجة وضع محور بثها وضعاً رأسياً، تغلق الضوء المستقطب أفقياً، الذي يحدث الانعكاسات اللامعة. ويستخدم المصورون الضوئيون مرشحات استقطاب، لإخماد الوهج، وكذلك الانعكاسات الصادرة عن السطوح اللامعة، كسطوح النوافذ، وسطوح الماء.
مواد الاستقطاب
         تتكون أوسع مستقطبات الضوء انتشاراً، من ألواح رقيقة من البلاستيك. ويحتوي لوح البلاستيك النموذجي، على ملايين من سلاسل طويلة، رقيقة، من جزيئات اليود المصفوفة بإحكام، وتعمل كل من هذه السلاسل مرشح استقطاب مفرداً. وقد ساعدت ألواح الاستقطاب على توسيع مجال استعمال الضوء المستقطب، إلى درجة كبيرة، بسبب انخفاض نفقتها، وحجمها المريح. وقد نجح أدوين هـ. لاند، مخترع كاميرا لاند بولارويد، في اختراع أول لوح استقطاب، عام 1928، حين كان في التاسعة عشرة من عمره.
        ويمكن بعض البلورات الطبيعية، مثل التورمالين، أن تستقطب الضوء. فالتورمالين، يسمح بمرور المكونات، التي تقع في اتجاه ذبذبة واحد، ويحجب المكونات الأخرى، بامتصاصها، داخلياً، من بلورات الاستقطاب الطبيعية الأخرى. وهناك الكلسيت، أو السبار الأيسلندي، ويقسم الضوء شعاعَين مستقطبين متعامدين على بعضهما. ويقطع منشور بيكول، من اليسار الأيسلندي، بحيث يمكن التخلص من أحد هذَين الشعاعَين.
استعمالات الضوء المستقطب 
         اقترح العلماء استخدام الزجاج المستقطب، في صناعة الكشافات الأمامية للسيارات؛ وكذلك في صناعة الزجاج الأمامي، ليحجب وهج أضواء السيارات المقتربة، أثناء القيادة. 
         ويمكن العلماء أن يدرسوا تركيب كثير من المواد الشفافة، بمعونة مرشحات الاستقطاب المتقاطعة عرضياً. وتستخدم المجاهر المزودة بالمستقطبات، في إظهار كثير من البلورات عديمة اللون؛ وكذلك كشف العينات البيولوجية في ضوء ساطع. ومكشاف الاستقطاب آلة مزودة بمستقطبات، تستعمل في الكشف عن مواطن الإجهاد (نقاط الشعف) في المصنوعات الزجاجية، مثل عدسات النظارات والأدوات المعملية. ويمكن علماء الكيمياء، أن يحددوا نوع السكر ومقداره، في محلول من المحاليل، باستعمال مقياس السُّكر، وهو مكشاف استقطاب من نوع خاص. وهناك نوع خاص من مرشحات الاستقطاب الدائري، تُستخدم في أجهزة الرادار، لاصطياد الانعكاسات غير المرغوب فيها.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

About this blog

About me

خاص لي فقط. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Mini Updates

Advertisement

Twitter Updates

    follow me on Twitter

    Advertisement